السبت، 28 يونيو 2014

مدن تقتات مــــــن تجارة الجنس






مدن تقتات مــــــن تجارة الجنس و«لجان شعبية» لمحاربة «الباطرونات»

نشرت «المساء» تحقيقا صادما عن انتشار مرض «السيدا» في صفوف مومسات بالجماعة القروية «بومية» بإقليم ميدلت. تحركت السلطات، وشنت حملة واسعة على أوكار الدعارة، أسفرت عن هجرة جماعية لعاملات الجنس، قبل أن يعدن، بعد بضعة شهور، إلى أقدم «سيكتور» في المنطقة لاستئناف نشاطهن «المدر للدخل». «المساء» تأخذكم في رحلة عبر «خط الدعارة» بالأطلس المتوسط، انطلاقا من الحاجب وصولا إلى بومية، لنكتشف مآل الحملات التي استهدفت دور الدعارة في أشهر مراكز «تجارة جنس».قبل بضع سنوات، كانت العديد من الأحياء «الحمراء» في مدن وقرى الأطلس المتوسط تعيش من الدعارة. النساء كما الرجال يقتاتون من عرق الآخرين، ويظل هاجسهم من إشراقه الصباح إلى أن يرخي الليل سدوله هو استقطاب أكبر عدد من الباحثين عن اللذة، في انتظار يوم جديد يأتي لهذه الفئة من السكان بعيش وإن كان «غير كريم».
لكن تحركات السلطات في مواجهات أشهر «البورديلات» سرعان ما أدت إلى هجرة جماعية لمومسات «ريد لايت ديستريكتس» الأطلسية، صوب مناطق لم تتمكن فيها السلطات من الحد من انتشار هذه «التجارة» النشيطة، التي تحولت مع مرور السنين إلى واقع اجتماعي يتعايش معه السكان، بل ويقاومون تدخل السلطة في عدد من البؤر السوداء.
تقول خريطة الدعارة في البلاد إن محور الحاجب - خنيفرة يعد أحد «أسخن» المناطق التي اشتهرت بانتشار أحياء تقدم خدماتها الجنسية للباحثين عن اللذة، وبأفضل الأسعار. الحاجب، تيغسالين، أوطاط الحاج، خنيفرة، بومية وغيرها من المناطق كانت تشهد نشاطا اقتصاديا «منظما» لبائعات الهوى ومن يشتغلون في ميادين تشكل «أكسسوارات» أساسية لمن يريد إحياء السهر.
في بعض المناطق التي اشتهرت بتجارة الجنس منذ حقبة الاستعمار، سارت اليوم الدعارة نشاطا «سريا»، يتم بعيدا عن أعين السلطات، بعدما كان إلى عهد قريب، يمارس بالواضح الفاضح. حملات بعضها كانت أمنية صرفة، وأخرى تحرك فيها مواطنون وصفوا بكونهم «لجانا شعبية» جاءت لمحاربة الفساد، كما هو حال مدينة «عين اللوح».
لكن واقع عدد من المناطق لايزال على حاله، ومنها الجماعة القروية لـ»بومية» التي عرفت هجرة جماعية لبائعات الجنس بعدما اهتزت على وقع انتشار مرض «السيدا» في صفوفهن. ولم تمض إلا بضعة شهور، هدأ معها صدى المرض الخبيث، حتى عاد حي «جاج إغرم»، المعروف في بومية بـ»السيكتور»، إلى تقديم خدماته على أنقاض البؤس الاجتماعي الذي يعيشه سكان هذا الحي الفقير

الخط الساخن

«خنيفرة.. مديلت.. أزرو.. إفران»، يردد «الكورتي» بمحطة الطاكسيات مكناس. كانت الساعة تشير إلى حوالي السابعة صباحا، لكن المكان بدأ يعج بالركاب المتوجهين نحو بعض مدن الأطلس المتوسط. عائلة مكونة من أربعة أفراد أثارت غضب السائق بسبب ترديدها نفس السؤال: «واش مزال هاد البلاصة مجات؟»، فما كان إلا أن رد بعدما نفد صبره: «سيرو للكار الله يرحم الوالدين».
لم تمض إلا بضع دقائق حتى جاء الفرج. «هاهي بلاصة جات.. طريق السلامة»، قالها «الكورتي»، وهو يتوجه نحو السيارة لاستخلاص ثمن الرحلة من الركاب المتوجهين نحو مدينة إفران. انطلق السائق وهو يسابق الريح، بعدما هاتفه أحدهم طالبا منه الإسراع للظفر بـ»كورسة» ركابها سياح يودون التوجه إلى إحدى المدن. «قوليهوم يتسناوني في الأوطيل، راه 1000 درهم للكورسة».
شغل السائق مقطوعات أطلسية، تفاعل معها شاب يجلس إلى جانبه. بدأ الرجلان يحدثان بعضهما بالأمازيغية، قبل أن يتبادلا أرقام الهاتف. أما «المساء» فكانت أولى محطاتها في خط الدعارة بالأطلس المتوسط مدينة الحاجب. من هنا سننطلق، لننتقل إلى «تيغسالين» و»عين اللوح» و»بومية»، التي اشتهرت بتقديم خدماتها للباحثين عن اللذة.
خط الدعارة بالأطلس المتوسط اشتهر بأحياء تقدم منذ عشرات السنين خدماتها لكل باحث عن اللذة، حتى أضحى بعضها يقاوم أي تدخل لمحاربتها، سواء من خلال «لوبيات» للحماية، كما يقول بعض الفاعلين، أو حتى من خلال إثارة القلاقل ونشر الجريمة في بعض النقط السوداء، وكأن السكان الذين يقتاتون من أقدم مهنة في التاريخ «يقايضون» السلطة بين غض الطرف عن ممارساتهم، أو نشر الجريمة.
«اشتغلت في مكناس، والحاجب وخنيفرة، قبل أن يستقر بي المقام في بومية»، تقول خديجة، إحدى المومسات، في لقائها مع «المساء». هذه الشابة المتحدرة من منطقة مولاي ابراهيم قرب مراكش بدأت عملها في المنطقة منذ 6 سنوات، رغم أن مردود الدعارة تراجع بشكل كبير. «يقولون عنا إننا مصابات بالسيدا، وبالتالي فعدد من الزبناء توقفوا عن زيارتنا، وانخفضت مداخيلنا بشكل كبير، وفي المقابل ليس لدينا أي بديل حقيقي». تضيف خديجة هامسة بصوت متحشرج، يخنق آهات جرح عميق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أرشيف المدونة الإلكترونية